ویجب فی کلِّ رکعة سجدتان، وهما معاً من الأرکان، فتبطل الصلاة بنقیصتهما عمداً أو سهواً، کما تبطل الفریضة بزیادتهما عمداً، بل وسهواً أیضاً علی الأحوط وجوباً. وسیأتی حکم زیادة السجدة الواحدة ونقصانها.
ویجب فی السجود أمور:
الأوّل: وضع المساجد السبعة علی الأرض، وهی: الجبهة، والکفّان، والرکبتان، والإبهامان من الرجلین.
وتتقّوم السجدة بوضع الجبهة - أو ما یقوم مقامها من الوجه کما سیأتی - علی المسجَد مع الانحناء الخاصّ، وأمّا وضع غیرها من الأعضاء المذکورة علی مساجدها فهو وإن کان واجباً حال السجود إلّا أنّه لیس برکن، فلا یضرّ بالصلاة ترکه من غیر عمد وإن کان الترک فی کلتا السجدتین.
مسألة ۳۰۳ : لا یعتبر فی مسجَد الجبهة اتّصال أجزائها، فیجوز السجود علی السبحة إذا کانت مصنوعة ممّا یصحّ السجود علیه.
مسألة ۳۰۴ : الواجب وضعه علی المسجَد من الجبهة مسمّاها ولو بقدر طرف الأنملة، والأحوط وجوباً وضع المسمّی من وسط الجبهة - أی السطح المحاط بخطّین موهومین متوازیین بین الحاجبین إلی الناصیة -، والواجب وضعه من الکفّین استیعاب باطنهما عرفاً مع الإمکان علی الأحوط وجوباً، ومن الرکبتین بمقدار المسمّی، ومن الإبهامین وضع المسمّی ولو من ظاهرهما أو باطنهما، وإن کان الأحوط استحباباً وضع طرفیهما.
ولا یعتبر فی وضع هذه المواضع أن یجعل ثقله علیها أزید من المقدار الذی یصدق معه السجود علیها عرفاً. ویعتبر أن یکون السجود علی النحو المتعارف، فلو وضعها علی الأرض وهو نائم علی وجهه لم یجزه ذلک. نعم، لا بأس بإلصاق الصدر والبطن بالأرض حال السجود، والأحوط استحباباً ترکه.
مسألة ۳۰۵ : یشترط فی الکفّین وضع باطنهما مع الاختیار، ومع الضرورة یجزئ الظاهر. والأحوط وجوباً لمن قطعت یده من الزند أو لم یتمکن من وضع کفه لسبب آخر أن یضع ما هو الأقرب إلی الکفّ فالأقرب من الذراع والعضد، ولمن قطع إبهام رجله أن یضع سائر أصابعها.
الثانی: أن لا یکون مسجَد الجبهة أعلی من موضع الرکبتین والإبهامین ولا أسفل منه بما یزید علی أربعة أصابع مضمومة، ولا یترک الاحتیاط بمراعاة ذلک بین المسجَد والموقف أیضاً، فلو وضع جبهته علی مکان مرتفع لعذر من سهو أو غیره فإن لم یصدق علیه السجود عرفاً لزمه أن یرفع رأسه ویسجد، وإن صدق علیه ذلک فإن التفت بعد الذکر الواجب لم یجب علیه الجرّ إلی الموضع المساوی، وإن التفت قبله وجب علیه الجرّ والإتیان بالذکر بعده، وإن لم یمکن الجرّ إلیه أتی به فی هذا الحال ومضی فی صلاته.
الثالث: یعتبر فی مسجَد الجبهة أن یکون من الأرض أو نباتها غیر ما یؤکل أو یلبس، فلا یصحّ السجود علی الحنطة والشعیر والقطن ونحو ذلک.
نعم، لا بأس بالسجود علی ما یأکله الحیوان من النبات، وعلی النبات الذی لا یؤکل بنفسه بل یشرب الماء الذی ینقع أو یطبخ فیه، کأصل السوس وعنب الثعلب وورد لسان الثور وورق الشای، کما یصحّ السجود علی ورق الکرم بعد أوان أکله، وعلی قشر الجوز أو اللوز بعد انفصاله عن اللبّ، وعلی نواة التمر وسائر النوی حال انفصالها عن الثمرة.
ویصحّ السجود اختیاراً علی القرطاس المتّخذ من الخشب ونحوه ممّا یصحّ السجود علیه، بل یصحّ السجود علی القرطاس المتّخذ من القطن أو الکتّان أیضاً، دون المتّخذ من غیرهما ممّا لا یصحّ السجود علیه کالحریر.
والسجود علی الأرض أفضل من السجود علی غیرها، والسجود علی التراب أفضل من السجود علی غیره، وأفضل من الجمیع التربة الحسینیة (علی مُشَرّفها آلاف التحیة والسلام).
ولا یصحّ السجود علی الذهب والفضّة وسائر الفلزّات، وعلی الزجاج والبلّور، وعلی ما ینبت علی وجه الماء، وعلی الرماد، وغیر ذلک ممّا لا یصدق علیه الأرض أو نباتها، والأحوط لزوماً عدم السجود علی القیر والزفت، ولکن یقدّمان علی غیرهما عند الاضطرار.
ویصحّ السجود علی الفحم والخزف والآجر، وعلی الجصّ والنورة ولو بعد طبخهما، وعلی المرمر والعقیق والفیروزج والیاقوت والماس ونحوها من الأحجار الکریمة.
مسألة ۳۰۶ : لا یصحّ السجود علی ما یؤکل فی بعض البلدان إذا عُدّ مأکولاً فی غیره وإن لم یتعارف أکله.
مسألة ۳۰۷ : إذا لم یتمکن من السجود علی ما یصحّ السجود علیه لفقدانه أو من جهة الحرّ أو البرد أو غیر ذلک سجد علی القیر أو الزفت، فإن لم یتیسّر له سقط هذا الشرط لعدم ثبوت بدل خاصّ له، وإن کان الأحوط استحباباً تقدیم ثوبه علی غیره.
مسألة ۳۰۸ : إذا سجد سهواً علی ما لا یصحّ السجود علیه والتفت فی الأثناء فإن کان ذلک بعد الإتیان بالذکر الواجب مضی ولا شیء علیه، وإن کان قبله فإن تمکن من جرّ جبهته إلی ما یصحّ السجود علیه فعل ذلک، ومع عدم الإمکان یتمّ سجدته وتصحّ صلاته.
مسألة ۳۰۹ : لا بأس بالسجود علی ما لا یصحّ السجود علیه اختیاراً حال التقیة، ولا یجب التخلّص منها بالذهاب إلی مکان آخر، ولا تأخیر الصلاة إلی زوال سببها.
الرابع: یعتبر الاستقرار فی المسجَد، فلا یجزئ وضع الجبهة علی الوَحَل والطین أو التراب الذی لا تتمکن الجبهة علیه، ولا بأس بالسجود علی الطین إذا تمکنت الجبهة علیه، ولکن إذا لصق بها شیء من الطین أزاله للسجدة الثانیة إذا کان مانعاً عن مباشرة الجبهة للمسجَد.
الخامس: یعتبر فی مسجَد الجبهة الطهارة، وکذا الإباحة علی الأحوط لزوماً، وتجزئ طهارة الطرف الذی یسجد علیه، ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر، واللازم طهارة المقدار الذی یعتبر وقوع الجبهة علیه فی السجود، فلا بأس بنجاسة الزائد علیه، وقد تقدّم الکلام فی اعتبار الإباحة فی مکان المصلّی فی المسألة (۲۱۱).
السادس: یجب الذکر فی السجود، والحال فیه کما ذکرناه فی ذکر الرکوع، إلّا أن التسبیحة الکبری هنا «سُبْحَانَ رَبِّی الأَعْلَیٰ وَبِحَمْدِهِ».
السابع: یجب الجلوس بین السجدتین. وأمّا جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانیة فوجوبها مبنی علی الاحتیاط.
الثامن: یعتبر المکث فی حال السجود بمقدار أداء الذکر الواجب، کما یعتبر فیه استقرار بدن المصلّی، فلا یجوز الإخلال به مع القدرة علیه قبل رفع الرأس منه ولو فی حال عدم الاشتغال بالذکر الواجب علی الأحوط لزوماً. نعم، لا بأس بتحریک بعض الأطراف کأصابع الید ما لم یضرّ بصدق الاستقرار عرفاً، والأحوط الأولی إعادة الذکر لو تحرّک حاله من غیر عمد.
مسألة ۳۱۰ : من لم یتمکن من الانحناء التامّ للسجود فإن أمکنه الانحناء بحدٍّ یصدق معه السجود عرفاً وجب علیه أن یرفع ما یسجد علیه إلی حدٍّ یتمکن من وضع الجبهة علیه، فإن لم یتمکن من الانحناء بذلک المقدار أومأ برأسه للسجود وجعل إیماءه له أکثر من إیمائه للرکوع، ولا یلزمه رفع ما یصحّ السجود علیه إلی الجبهة وإن کان أولی، ومع العجز عنه أومأ بعینیه غمضاً له وفتحاً للرفع منه.
مسألة ۳۱۱ : إذا ارتفعت الجبهة من المسجَد قهراً فإن کان فی السجدة الأولی أتی بالسجدة الثانیة، وإن کان فی السجدة الثانیة مضی فی صلاته ولا شیء علیه.
وإذا ارتفعت الجبهة قهراً ثُمَّ عادت کذلک لم یحسب سجدتین. نعم، إذا کان الارتفاع قبل الإتیان بالذکر فالأحوط استحباباً أن یأتی به بعد العود لا بقصد الجزئیة.
مسألة ۳۱۱۲ : إذا کان بجبهته دُمَّل أو نحوه ممّا لا یتمکن من وضعه علی الأرض ولو من غیر اعتماد لتعذّر أو تعسّر أو تضرّر، فإن لم یستغرق الجبهة سجد علی الموضع السلیم ولو بأن یحفر حفیرة لیقع السلیم علی الأرض، والأحوط وجوباً تقدیم وسط الجبهة - وقد مرّ بیانه فی المسألة (۳۰۴) -، وإن استغرقها وضع شیئاً من وجهه علی الأرض. والأحوط لزوماً تقدیم الذقن علی الجبینین - أی طرفی الجبهة بالمعنی الأعمّ - وتقدیمهما علی غیرهما من أجزاء الوجه، فإن لم یتمکن من وضع شیء من الوجه - ولو بعلاج - أومأ برأسه أو بعینه علی التفصیل المتقدّم.
مسألة ۳۱۳ : من نسی السجدتین حتّی دخل فی الرکوع بعدهما بطلت صلاته علی الأحوط لزوماً، وإن تذکرهما قبل ذلک رجع وتدارکهما.
ومن نسی سجدة واحدة فإن تذکرها قبل الرکوع رجع وتدارکها، وإن ذکرها بعدما دخل فی الرکوع مضی فی صلاته وقضاها بعد الصلاة.
مسألة ۳۱۴ : من نسی السجدتین من الرکعة الأخیرة حتّی سلّم فإن ذکرهما قبل أن یأتی بما ینافی الصلاة عمداً وسهواً - کالحَدَث - رجع وتدارکهما وأتمّ صلاته وسجد سجدتین لزیادة السلام سهواً علی الأحوط وجوباً، وأمّا إذا ذکرهما بعد الإتیان بشیء من المنافیات بطلت صلاته.
مسألة ۳۱۵ : من نسی سجدة من الرکعة الأخیرة وذکرها بعد السلام قبل الإتیان بما ینافی الصلاة عمداً وسهواً رجع وتدارکها وأتمّ صلاته، وسجد سجدتی السهو لزیادة السلام سهواً علی الأحوط وجوباً، وإذا ذکرها بعد الإتیان بالمنافی قضاها، والأحوط استحباباً أن یأتی بسجدتی السهو.
مسألة ۳۱۶ : من نسی وضع عضو من الأعضاء السبعة - غیر الجبهة - علی الأرض وذکره بعد رفع الجبهة صحّت صلاته ولا شیء علیه.
مسألة ۳۱۷ : إذا ذکر بعد رفع الرأس من السجود أن مسجَده لم یکن ممّا یصحّ السجود علیه، أو أنّه کان أعلی أو أسفل من موضع رکبتیه - مثلاً - بما یزید علی أربع أصابع مضمومة مضی فی صلاته ولا شیء علیه.
مسألة ۳۱۸ : إذا نسی الذکر أو الطمأنینة حال السجود وذکره بعد رفع الرأس من السجود صحّت صلاته.
مسألة ۳۱۹ : إذا نسی الجلسة بین السجدتین حتّی سجد الثانیة صحّت صلاته.
◀ الرجوع الی الفهرس
- ادامه مطلب...
- 0 دیدگاه
- 755 بازدید