صلاة الجماعة
المقصد التاسع صلاة الجماعة
وفیه فصول:
الفصل الأوّل موارد مشروعیة الجماعة
تستحبّ الجماعة فی جمیع الفرائض، غیر صلاة الطواف فإنّه لم تثبت مشروعیة الجماعة فیها، ویتأکد الاستحباب فی الصلوات الیومیة خصوصاً فی الأدائیة، ولا سیما فی الصبح والعشاءین، ولها ثواب عظیم، وقد ورد فی الحثّ علیها والذمّ علی ترکها أخبار کثیرة ومضامین عالیة لم یرد مثلها فی أکثر المستحبّات.
مسئله ۷۷۲: تجب الجماعة فی الجمعة والعیدین مع اجتماع شرائط الوجوب وهی حینئذٍ شرط فی صحّتها، ولا تجب بالأصل فی غیر ذلک، نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه، أو لضیق الوقت عن إدراک رکعة أو عن إدراک تمام الصلاة فیه إلّا بالائتمام، أو لعدم تعلّمه القراءة مع قدرته علیها أو لغیر ذلک.
مسئله ۷۷۳: لا تشرع الجماعة لشیء من النوافل الأصلیة وإن وجبت بالعارض لنذر أو نحوه مطلقاً علی الأحوط لزوماً، وتستثنی من ذلک صلاة الاستسقاء فإنّ الجماعة مشروعة فیها، وکذا لا بأس بها فیما صار نفلاً بالعارض، فتجوز الجماعة فی صلاة العیدین مع عدم توفّر شرائط الوجوب.
مسئله ۷۷۴: یجوز اقتداء من یصلّی إحدی الصلوات الیومیة بمن یصلّی الأُخری، وإن اختلفا بالجهر والإخفات، والأداء والقضاء، والقصر والتمام، وکذا مصلّی الآیة بمصلّی الآیة وإن اختلفت الآیتان کما إذا اقتدی فی صلاة الکسوف قضاءً بصلاة الخسوف أداءً أو العکس، وأمّا الجماعة فی غیر الکسوفین فلم تثبت مشروعیتها.
ولا یجوز اقتداء مصلّی الیومیة بمصلّی العیدین أو الآیات أو صلاة الأموات أو صلاة الطواف - علی الأحوط وجوباً فی الأخیرة - وکذا الحکم فی العکس، کما لا یجوز الاقتداء فی الصلاة الیومیة بصلاة الاحتیاط، والأحوط وجوباً ترک الاقتداء فی صلاة الاحتیاط بالیومیة أو بصلاة الاحتیاط، وأمّا الصلوات الاحتیاطیة فیجوز الاقتداء فیها بمن یصلّی وجوباً، وأمّا اقتداء من یصلّی وجوباً بمن یصلّی احتیاطاً فلا یخلو عن إشکال، بل یشکل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلّا إذا کانت جهة احتیاط الإمام جهة لاحتیاط المأموم أیضاً کما إذا صلّیا عن وضوء بماء مشتبه بالمضاف غفلة فلزمهما إعادة الوضوء والصلاة احتیاطاً.
مسئله ۷۷۵: أقلّ عدد تنعقد به الجماعة - فی غیر الجمعة والعیدین المشروط صحّتهما بالجماعة - اثنان أحدهما الإمام ولو کان المأموم امرأة أو صبیاً، وأمّا فی الجمعة - وفی العیدین المشروط صحّتهما بالجماعة - فلا تنعقد إلّا بخمسة من الرجال أحدهم الإمام.
الفصل الثانی أحکام النیة فی الجماعة
مسئله ۷۷۶: تنعقد الجماعة بنیة المأموم للائتمام ولو کان الإمام جاهلاً بذلک غیر ناوٍ للإمامة، فإذا لم ینوِ المأموم لم تنعقد، نعم یعتبر قصد الإمامة فی الجمعة والعیدین والصلاة المعادة جماعة إذا کان الإمام معیداً، بأن ینوی الصلاة التی یجعله المأموم فیها إماماً.
مسئله ۷۷۷: لا یجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر، ولا بشخصین ولو اقترنا فی الأقوال والأفعال، ولا بأحد شخصین علی التردید، ولا تنعقد الجماعة إن فعل ذلک، ویکفی التعیین الإجمالی مثل أن ینوی الائتمام بإمام هذه الجماعة، أو بمن یسمع صوته، وإن تردّد ذلک المعین عنده بین شخصین.
مسئله ۷۷۸: إذا شک فی أنّه نوی الائتمام أم لا، بنی علی العدم وأتمّ منفرداً، حتّی إذا علم أنّه قام بنیة الدخول فی الجماعة وظهرت علیه أحوال الائتمام من الإنصات ونحوه ولکن احتمل أنّه لم ینوِ الائتمام غفلة، فإنّه لیس له إتمام صلاته جماعة.
مسئله ۷۷۹: إذا نوی الاقتداء بشخص علی أنّه زید فبان فی الأثناء أنّه عمرو انفرد فی صلاته إذا لم یکن یعتقد عدالة عمرو، وإن بان له ذلک بعد الفراغ صحّت صلاته وجماعته سواء اعتقد عدالته أم لا.
مسئله ۷۸۰: إذا صلّی اثنان وعلم بعد الفراغ أنّ نیة کلٍّ منهما کانت الإمامة للآخر صحّت صلاتهما، نعم إذا کان أحدهما قد شک فی عدد الرکعات أو الأفعال فرجع إلی حفظ الآخر وأخلّ بما هو وظیفة المنفرد ممّا یضرّ الإخلال به - ولو عن عذر - بصحّة الصلاة بطلت صلاته، وإذا علم أن نیة کلٍّ منهما کانت الائتمام بالآخر استأنف کلّ منهما الصلاة إذا کانت مخالفة لصلاة المنفرد بما یوجب البطلان مطلقاً - ولو کان عن عذر - لا بمجرّد ترک القراءة أو زیادة سجدة واحدة متابعة بتخیل صحّة الائتمام.
مسئله ۷۸۱: لا یجوز نقل نیة الائتمام من إمام إلی آخر اختیاراً إلّا أن یعرض للإمام ما یمنعه من إتمام صلاته، من موت أو جنون أو إغماء أو حدث أو تذکر حدث سابق علی الصلاة، وکذلک إذا أکمل الإمام صلاته دون المأمومین لکون فرضه القصر وفرضهم التمام، فیجوز للمأمومین تقدیم إمام آخر وإتمام صلاتهم معه، والأحوط الأولی اعتبار أن یکون الإمام الآخر منهم.
مسئله ۷۸۲: لا یجوز للمنفرد العدول إلی الائتمام فی الأثناء.
مسئله ۷۸۳: إذا عدل المأموم إلی الانفراد فی أثناء الصلاة اختیاراً ففی صحّة جماعته إشکال، سواء أنوی الانفراد من أوّل الأمر أم بدا له ذلک فی الأثناء، ولکنّه لا یضرّ بصحّة الصلاة إلّا مع الإخلال بوظیفة المنفرد فإنّ الأحوط لزوماً حینئذٍ إعادة الصلاة، نعم إذا أخلّ بما یغتفر الإخلال به عن عذر فلا حاجة إلی الإعادة، وهذا کما إذا بدا له العدول بعد فوات محلّ القراءة أو بعد زیادة سجدة واحدة للمتابعة مثلاً.
مسئله ۷۸۴: إذا نوی الانفراد فی أثناء قراءة الإمام - لعذر أو بدونه - وجبت علیه القراءة من الأوّل ولا تجزیه قراءة ما بقی منها علی الأحوط لزوماً، بل وکذلک إذا نوی الانفراد لا لعذر بعد قراءة الإمام قبل الرکوع، فتلزمه القراءة حینئذٍ علی الأحوط لزوماً.
مسئله ۷۸۵: إذا نوی الانفراد صار منفرداً ولا یجوز له الرجوع إلی الائتمام، وإذا تردّد فی الانفراد وعدمه ثُمَّ عزم علی عدمه ففی جواز بقائه علی الائتمام إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.
مسئله ۷۸۶: إذا شک فی أنّه عدل إلی الانفراد أو لا، بنی علی العدم.
مسئله ۷۸۷: لا یعتبر فی الجماعة قصد القربة، لا بالنسبة إلی الإمام ولا بالنسبة إلی المأموم، نعم إذا کان قصد الإمام أو المأموم غرضاً دنیویاً مباحاً مثل التخلّص من الشک أو تعب القراءة أو غیر ذلک فإن نوی بذلک القربة صحّت وترتّبت علیها أحکام الجماعة، وإلّا فلا علی الأحوط لزوماً.
مسئله ۷۸۸: إذا نوی الاقتداء سهواً أو جهلاً بمن یصلّی صلاة لا اقتداء فیها کما إذا کانت نافلة، فإن تذکر قبل الإتیان بما ینافی صلاة المنفرد عدل إلی الانفراد وصحّت صلاته، وکذا تصحّ إذا تذکر بعد الفراغ ولم یحصل منه ما یوجب بطلان صلاة المنفرد عمداً وسهواً وإلّا بطلت.
الفصل الثالث کیفیة إدراک صلاة الجماعة
مسئله ۷۸۹: تُدرَک الجماعة بالدخول فی الصلاة من أوّل قیام الإمام للرکعة إلی منتهی رکوعه، فإذا دخل مع الإمام فی حال قیامه قبل القراءة أو فی أثنائها، أو بعدها قبل الرکوع، أو فی حال الرکوع فقد أدرک الرکعة، ولا یتوقّف إدراکها علی الاجتماع معه فی الرکوع فإذا أدرکه قبل الرکوع وفاته الرکوع معه لعذر فقد أدرک الرکعة ووجبت علیه المتابعة فی غیره، ویعتبر فی إدراکه فی الرکوع أن یصل إلی حدّ الرکوع قبل أن یرفع الإمام رأسه ولو کان ذلک بعد فراغه من الذکر، بل قال بعض الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) بتحقّق الإدراک للرکعة بوصوله إلی حدّ الرکوع والإمام لم یخرج بعد عن حدّه وإن کان هو مشغولاً بالهوی والإمام مشغولاً بالرفع، لکنّه لا یخلو من إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.
مسئله ۷۹۰: إذا رکع بتخیل إدراک الإمام راکعاً فتبین عدم إدراکه یجوز له إتمام صلاته فرادی، وکذا لو شک فی إدراکه الإمام راکعاً مع عدم تجاوز المحلّ، وأمّا مع التجاوز عنه کما لو شک فی ذلک بعد الرکوع فیحکم بصحّة صلاته جماعة.
مسئله ۷۹۱: یجوز الدخول فی الرکوع مع احتمال إدراک الإمام راکعاً، فإن أدرکه صحّت الجماعة والصلاة، وإلّا بطلت الصلاة.
مسئله ۷۹۲: إذا نوی وکبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن یصل إلی الرکوع تخیر بین المضی منفرداً، ومتابعة الإمام فی السجود بقصد القربة المطلقة، ثُمَّ تجدید التکبیر بعد القیام بقصد الأعمّ من الافتتاح والذکر المطلق.
مسئله ۷۹۳: إذا أدرک الإمام وهو فی التشهّد الأخیر یجوز له أن یکبّر للإحرام ویجلس معه بقصد المتابعة، وله أن یتشهّد بنیة القربة المطلقة ولکن لا یسلّم علی الأحوط وجوباً، فإذا سلّم الإمام قام لصلاته من غیر حاجة إلی استئناف التکبیر ویحصل له بذلک فضل الجماعة وإن لم تحصل له رکعة، وإذا أدرکه فی السجدة الأُولی أو الثانیة من الرکعة الأخیرة جاز له أن یکبّر بقصد الأعمّ من الافتتاح والذکر المطلق ویتابعه فی السجود والتشهّد بقصد القربة المطلقة، ثُمَّ یقوم بعد تسلیم الإمام فیجدّد التکبیر علی النحو السابق ویتمّ صلاته.
مسئله ۷۹۵: إذا حضر المکـــان الـــذی فیه الجماعـــة فرأی الإمام راکــعاً وخــاف أن یرفع الإمام رأسه إن التحق بالصفّ کبَّر للإحرام فی مکانه ورکع، ثُمَّ یمشی فی رکوعه أو بعده حتّی یلحق بالصفّ أو یصبر فیتمّ سجوده فی موضعه ثُمَّ یلحق بالصفّ حال القیام للثانیة، سواء أکان المشی إلی الأمام أم إلی الخلف أم إلی أحد الجانبین، بشرط أن لا ینحرف عن القبلة، وأن لا یکون مانع آخر غیر البعد من حائل وغیره، وأن لا یکون البعد بمقدار لا یصدق معه الاقتداء عرفاً، والأحوط لزوماً ترک الاشتغال بالقراءة وغیرها ممّا یعتبر فیه الطمأنینة حال المشی، والأحوط الأولی جرّ الرجلین حاله.
0 دیدگاه
دیدگاه توصیه شده
هیچ دیدگاهی برای نمایش وجود دارد.