التیمم
التیمم
یصحّ التیمّم بدلاً عن الغسل أو الوضوء فی سبعة مواضع:
الأوّل: ما إذا لم یجد من الماء مقدار ما یفی بوظیفته الأوّلیة من غسل أو وضوء ولو لکون الموجود منه فاقداً لبعض الشروط المعتبرة فیه. ویجب الفحص عنه علی الحاضر إلی حین حصول الیأس منه، وکذلک السعی إلیه ما لم یکن بعیداً عنه بحیث یصدق عرفاً أنّه غیر واجد للماء.
ولا یسوغ للمسافر أن یتیمّم بمجرّد عدم علمه بوجود الماء لدیه، بل لا بُدَّ له من إحراز عدمه بالفحص عنه فی مظانه إلی أن یحصل له الاطمئنان بالعدم، فلو احتمل وجود الماء فی رحله أو فی القافلة أو عند بعض المارة وجب علیه الفحص عنه، ولو کان فی فلاة وجب علیه الفحص فیما یقرب من مکانه وفی الطریق، والأحوط وجوباً الفحص فی المساحة التی حوله علی نحو الدائرة غَلْوَة[۱] سهم فی الأرض الحَزْنَة (الوَعْرَة)، وغَلْوَة سهمین فی الأرض السهلة، ولا یجب الفحص أکثر من ذلک إلّا إذا اطمأنّ بوجوده خارج الحدّ المذکور بحیث لا یبعد عنه بمقدار یصدق عرفاً أنّه غیر واجد للماء.
ویسقط وجوب الفحص عند تضیق الوقت بمقدار ما یتضیق منه، وکذا إذا خاف علی نفسه أو ماله المعتدّ به من لصّ ونحوه، أو کان فی الفحص حرج لا یتحمّل عادة.
مسألة ۱۳۸ : إذا تیمّم من غیر فحص - فیما یلزم فیه الفحص - ثُمَّ صلّی فی سعة الوقت برجاء المشروعیة لم یصحّ تیمّمه وصلاته وإن تبین عدم الماء علی الأحوط لزوماً.
مسألة ۱۳۹ : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما یحرم التصرّف فیه کما إذا کان مغصوباً لم یجب الوضوء ووجب التیمّم، والماء الموجود حینئذٍ بحکم المعدوم.
الثانی: عدم تیسّر الوصول إلی الماء الموجود، إما للعجز عنه تکویناً لکبر ونحوه، أو لتوقّفه علی ارتکاب عمل محرّم کالتصرّف فی الإناء المغصوب، أو لخوفه علی نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به من سبع أو عدوّ أو لصّ أو ضیاع أو غیر ذلک.
ولو انحصر الماء المباح بما کان فی أوانی الذهب والفضّة - حیث یحرم استعمالها فی الطهارة عن الحَدَث والخَبَث علی الأحوط کما تقدّم فی المسألة (۳۰) - فإن أمکن تخلیصه منها بما لا یعدّ استعمالاً فی العرف وجب الوضوء، وإلّا ففی سقوط الوضوء ووجوب التیمّم إشکال.
الثالث: کون استعمال الماء مضرّاً به، کما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدّته، وإنّما یشرع التیمّم فی هذه الصورة إذا لم تکن وظیفته الطهارة المائیة مع المسح علی الجبیرة وإلّا وجبت، وقد مرّ تفصیل ذلک.
الرابع: خوف العطش علی نفسه أو علی غیره ممّن یرتبط به ویکون من شأنه التحفّظ علیه والاهتمام بشأنه ولو من غیر النفوس المحترمة إنساناً کان أو حیواناً. ولو خاف العطش علی غیره ممّن لا یهمّه أمره ولکن یجب علیه حفظه شرعاً أو یقع فی الحرج بهلاکه عطشاً اندرج ذلک فی غیره من المسوّغات.
الخامس: استلزام الحرج والمشقّة إلی حدٍّ یصعب تحمّله علیه، سواء کان فی تحصیل الماء کما إذا توقّف علی الاستیهاب الموجب لذلّه وهوانه، أو علی شرائه بثمن یضرّ بحاله - وإلّا وجب الشراء وإن کان بأضعاف قیمته -، أم فی نفس استعماله لشدّة برودته أو لتغّیره بما یتنفّر طبعه منه، أم فیما یلازم استعماله کما لو کان قلیلاً لا یکفی للجمع بین استعماله فی الوضوء وبین تبلیل الرأس به مع فرض حاجته إلیه لشدّة حرارة الجو - مثلاً - بحیث یقع لولاه فی الحرج والمشقّة.
السادس: ما إذا استلزم تحصیل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.
السابع: أن یکون مکلّفاً بواجب أهمّ أو مساوٍ یستدعی صرف الماء الموجود فیه کإزالة الخبث عن المسجد، فإنّه یجب علیه التیمّم وصرف الماء فی تطهیره، وکذا إذا کان بدنه أو لباسه متنجّساً ولم یکفِ الماء الموجود عنده للطهارة الحَدَثیة والخَبَثیة معاً، فإنّه یتعین صرفه فی إزالة الخبث، وإن کان الأولی فیه أن یصرف الماء فی إزالة الخَبَث أوّلاً ثُمَّ یتیمّم بعد ذلک.
ما یصح به التیمم
یجوز عند تعذّر الطهارة المائیة التیمّم بمطلق وجه الأرض من تراب أو رمل أو حجر أو مدر، ومن ذلک أرض الجصّ والنورة، وهکذا الجصّ المطبوخ والآجر والخزف، والأحوط الأولی تقدیم التراب علی غیره مع الإمکان.
ویجوز التیمّم بالغبار المجتمع علی الثوب ونحوه إذا عُدّ تراباً دقیقاً بأن کان له جرم بنظر العرف، وإن کان الأحوط استحباباً تقدیم غیره علیه.
وإذا تعذّر التیمّم بالأرض وما یلحق بها تیمّم بالوحل وهو الطین الذی یلصق بالید، والأحوط وجوباً عدم إزالة شیء منه إلّا ما یتوقّف علی إزالته صدق المسح بالید.
وإذا تعذّر التیمّم بالوحل أیضاً تعین التیمّم بالشیء المغبر - أی ما یکون الغبار کامناً فیه - أو لا یکون له جرم بحیث یصدق علیه التراب الدقیق کما تقدّم.
وإذا عجز عنه أیضاً کان فاقداً للطهور، وحینئذٍ تسقط عنه الصلاة فی الوقت ویلزمه القضاء خارجه.
مسألة ۱۴۰ : إذا کان طین وتمکن من تجفیفه وجب ذلک ولا تصل معه النوبة إلی التیمّم بالطین أو الشیء المغبر. ولا بأس بالتیمّم بالأرض الندیة، وإن کان الأولی أن یتیمّم بالیابسة مع التمکن.
مسألة ۱۴۱ : الأحوط وجوباً اعتبار علوق شیء ممّا یتیمّم به بالید، فلا یجزئ التیمّم علی مثل الحجر الأملس الذی لا غبار علیه.
مسألة ۱۴۲ : لا یجوز التیمّم بما لا یصدق علیه اسم الأرض وإن کان أصله منها کالنباتات وبعض المعادن کالذهب والفضّة، ورماد غیر الأرض ونحوها. وإذا اشتبه ما یصحّ به التیمّم بشیء من ذلک لزم تکرار التیمّم لیتیقّن معه الامتثال.
کیفیة التیمم وشرائطه
مسألة ۱۴۳ : یجب فی التیمّم أمور:
۱- ضرب باطن الیدین علی الأرض، ویکفی وضعهما علیها أیضاً، والأحوط وجوباً أن یفعل ذلک دفعة واحدة.
۲- مسح الجبهة - وکذا الجبینین علی الأحوط وجوباً - بالیدین من قصاص الشعر إلی طرف الأنف الأعلی وإلی الحاجبین، والأحوط الأولی مسحهما أیضاً.
۳- المسح بباطن الید الیسری تمام ظاهر الید الیمنی من الزند إلی أطراف الأصابع، والمسح بباطن الیمنی تمام ظاهر الیسری. والأحوط وجوباً رعایة الترتیب بین مسح الیمنی والیسری.
ویجتزئ فی التیمّم - سواء کان بدلاً عن الوضوء أم الغسل - بضرب الیدین أو وضعهما علی الأرض مرّة واحدة، والأحوط الأولی أن یضرب بهما أو یضعهما مرّة أخری علی الأرض بعد الفراغ من مسح الوجه والیدین، فیمسح ظاهر یده الیمنی بباطن الیسری، ثُمَّ یمسح ظاهر الیسری بباطن الیمنی.
مسألة ۱۴۴ : یشترط فی التیمّم أمور:
- ۱- أن یکون المکلّف معذوراً عن الطهارة المائیة، فلا یصحّ التیمّم فی موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.
- ۲- إباحة ما یتیمّم به.
- ۳- طهارة التراب ونحوه، والأحوط وجوباً اعتبار الطهارة فی الشیء المُغبر أیضاً، کما أن الأحوط لزوماً أن یکون ما یتیمّم به نظیفاً عرفاً.
- ۴- أن لا یمتزج بغیره ممّا لا یصحّ التیمّم به کالتبن أو الرماد. نعم، لابأس بذلک إذا کان المزیج مستهلکاً.
- ۵- طهارة أعضاء التیمّم علی المشهور، ولکنّ الظاهر عدم اعتبارها. نعم، یعتبر أن لا تکون النجاسة حائلة أو متعدّیة إلی ما یتیمّم به.
- ۶- أن لا یکون حائل بین الماسح والممسوح.
- ۷- أن یکون المسح من الأعلی إلی الأسفل علی الأحوط لزوماً.
- ۸- النیة علی تفصیل مرّ فی الوضوء، والأحوط لزوماً أن تکون مقارنة للضرب أو الوضع.
- ۹- الترتیب بین الأعضاء علی ما مرّ.
- ۱۰- الموالاة، والمناط فیها أن لا یفصل بین الأفعال ما یخلّ بهیئته عرفاً.
- ۱۱- المباشرة مع التمکن منها.
۱۲- أن یکون التیمّم بعد دخول وقت الصلاة علی الأحوط استحباباً، وإن کان یصحّ قبله أیضاً مع عدم رجاء زوال العذر فی الوقت، وأمّا مع رجاء زواله فلا یجوز التیمّم حتّی بعد دخول الوقت کما سیأتی.
وإذا تیمّم لأمر واجب أو مستحبّ قبل الوقت ولم ینتقض تیمّمه حتّی دخل وقت الصلاة لم تجب علیه إعادة التیمّم، وجاز أن یصلّی مع ذلک التیمّم إذا کان عذره باقیاً.
مسألة ۱۴۵ : لا یجوز التیمّم للصلاة الموقّتة مع العلم بارتفاع العذر والتمکن من الطهارة المائیة قبل خروج الوقت، بل لا یجوز التیمّم مع عدم الیأس عن زوال العذر أیضاً، إلّا إذا احتمل طروّ العجز عن التیمّم مع التأخیر، وأمّا مع الیأس منه فلا إشکال فی جواز البدار، ولو صلّی معه لم تجب إعادتها حتّی مع زوال العذر فی الوقت.
مسألة ۱۴۶ : إذا تیمّم لصلاة فصلاها ثُمَّ دخل وقت صلاة أخری فمع عدم رجاء زوال العذر والتمکن من الطهارة المائیة تجوز له المبادرة إلیها فی سعة وقتها، ولا تجب علیه إعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلک، وأمّا مع رجاء زوال العذر وعدم احتمال طروّ العجز عن الصلاة متیمّماً فالأحوط لزوماً التأخیر.
ولو وجد الماء فی أثناء الصلاة مضی فی صلاته وصحّت مطلقاً. نعم، الأحوط الأولی الاستئناف مع الطهارة المائیة إذا کان الوجدان قبل الرکوع، بل أو بعده ما لم یتمّ الرکعة الثانیة.
مسألة ۱۴۷ : إذا صلّی مع التیمّم الصحیح لعذر ثُمَّ ارتفع عذره فی الوقت أو فی خارجه صحّت صلاته ولا تجب إعادتها.
مسألة ۱۴۸ : إذا تیمّم المحدث بالحَدَث الأکبر لعذر ثُمَّ أحدث بالحَدَث الأصغر لم ینتقض تیمّمه، فیتوضّأ إن أمکن وإلّا فیتیمّم بدلاً عن الوضوء، والأحوط الأولی أن یجمع بین التیمّم بدلاً عن الغسل وبین الوضوء مع التمکن، وأن یأتی بتیمّمه بقصد ما فی الذمّة إذا لم یتمکن من الوضوء.
[۱] أکثر ما حُددت به الغلوة ما یقارب ۲۲۰ متراً.
0 دیدگاه
دیدگاه توصیه شده
هیچ دیدگاهی برای نمایش وجود دارد.