الخاتمة الاعتکاف
فصل معنی الاعتکاف وشروط الصحّة
وهو اللّبث فی المسجد بقصد التعبّد به، والأحوط استحباباً أن یضمّ إلیه قصد فعل العبادة فیه من صلاة ودعاء وغیرهما، ویصحّ فی کلّ وقت یصحّ فیه الصوم، والأفضل شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر .
شروط الاعتکاف
مسئله ۱۰۶۸: یشترط فی صحّته مضافاً إلی العقل والإسلام - بتفصیل تقدّم فی الصوم - أُمور :
نیة القربة
الأوّل: نیة القربة، کما فی غیره من العبادات.
والواجب هو إیقاعه من أوّله إلی آخره عن النیة، والمختار جواز الاکتفاء بتبییت النیة مع قصد الشروع فیه فی أوّل یوم، وأمّا لو قصد الشروع فیه وقت النیة فی أوّل اللیل فیکفی بلا إشکال.
مسئله ۱۰۶۹: لا یجوز العدول من اعتکاف إلی آخر اتّفقا فی الوجوب والندب أو اختلفا، ولا من نیابة عن شخص إلی نیابة عن شخص آخر، ولا من نیابة عن غیره إلی نفسه وبالعکس.
الصوم
الثانی: الصوم، فلا یصحّ بدونه، فلو کان المکلّف ممّن لا یصحّ منه الصوم لسفر أو غیره لم یصحّ منه الاعتکاف.
العدد
الثالث: العدد، فلا یصحّ أقلّ من ثلاثة أیام غیر ملفّقة، ویصحّ الأزید منها وإن کان یوماً أو بعضه، أو لیلة أو بعضها، وتدخل فیه اللیلتان المتوسّطتان دون الأُولی والرابعة وإن جاز إدخالهما بالنیة، فلو نذر الاعتکاف کان أقلّ ما یمتثل به ثلاثة أیام، ولو نذره أقلّ لم ینعقد إذا أراد به الاعتکاف المعهود وإلّا صحّ، ولو نذره ثلاثة معینة فاتّفق أنّ الثالث عید لم ینعقد، ولو نذر اعتکاف خمسة فإن نواها مقیداً من جهة الزیادة والنقصان بطل، وإن نواها مقیداً من جهة الزیادة ومطلقاً من جهة النقصان وجب علیه اعتکاف ثلاثة أیام، وإن نواها مقیداً من جهة النقصان ومطلقاً من جهة الزیادة ضمّ إلیها السادس سواء أفرد الیومین أو ضمّهما إلی الثلاثة.
مکان الاعتکاف
الرابع: أن یکون فی أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد المدینة، ومسجد الکوفة، ومسجد البصرة، ویجوز إیقاعه فی المسجد الجامع فی البلد أیضاً إلّا إذا اختصّ بإمامته غیر العادل فإنّه لا یجوز الاعتکاف فیه حینئذٍ علی الأحوط، والأحوط استحباباً - مع الإمکان - الاقتصار علی المساجد الأربعة.
مسئله ۱۰۷۰: لو اعتکف فی مسجد معین فاتّفق مانع من البقاء فیه بطل ولم یجز اللبث فی مسجد آخر، والأحوط لزوماً قضاؤه - إن کان واجباً - فی مسجد آخر، أو فی ذلک المسجد بعد ارتفاع المانع.
مسئله ۱۰۷۱: یدخل فی المسجد سطحه وسردابه مع وجود أمارة علی دخوله، وکذا منبره ومحرابه، والإضافات الملحقة به إذا جعلت جزءاً منه کما لو وسِّع فیه.
مسئله ۱۰۷۲: إذا قصد الاعتکاف فی مکان خاصّ من المسجد لم یتعین وکان تعیینه لغواً.
اذن ولی
الخامس: إذن من یعتبر إذنه فی جوازه، کالوالدین بالنسبة إلی ولدهما إذا کان موجباً لإیذائهما شفقة علیه، وکالزوج بالنسبة إلی زوجته إذا لم یکن یجوز لها المکث فی المسجد بدون إذنه، وأمّا إذا کان یجوز لها ذلک ولکن کان اعتکافها منافیاً لحقّه ففی اعتبار إذنه فی بعض موارده إشکال فلا یترک مراعاة الاحتیاط فی ذلک.
استدامة اللّبث
السادس: استدامة اللّبث فی المسجد الذی شرع به فیه، فإذا خرج لغیر الأسباب المسوّغة للخروج بطل، من غیر فرق بین العالم بالحکم والجاهل، بل یحکم بالبطلان فی الخروج نسیاناً أیضاً، بخلاف ما إذا خرج عن اضطرار أو إکراه أو لحاجة لا بُدَّ له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة أو مسّ میت وإن کان السبب باختیاره، ویجوز الخروج لحضور صلاة الجمعة وللجنائز لتشییعها والصلاة علیها وتغسیلها وتکفینها ودفنها ولعیادة المریض.
أمّا سائر الأُمور الراجحة شرعاً فالأحوط وجوباً عدم الخروج لها إلّا إذا کانت حاجة لا بُدَّ منها، کما أنّ الأحوط لزوماً مراعاة أقرب الطرق عند الخروج، ولا تجوز زیادة المکث عن قدر الحاجة، وأمّا التشاغل علی وجه تنمحی به صورة الاعتکاف فهو مبطل وإن کان عن إکراه أو اضطرار، ولا یجوز الجلوس تحت الظلال فی الخارج بل الأحوط لزوماً ترک الجلوس فیه بعد قضاء الحاجة مطلقاً إلّا مع الضرورة.
مسئله ۱۰۷۳: إذا أمکنه أن یغتسل فی المسجد فالأحوط لزوماً عدم الخروج لأجله إذا کان الحدث لا یمنع من البقاء فی المسجد کمسّ المیت والاستحاضة، وأمّا إذا کان یمنع منه - کالجنابة - فإن تمکن من الاغتسال فی المسجد من غیر مکث ولم یستلزم محرّماً آخر کالتلویث والهتک وجب علی الأحوط، وإلّا لم یجز مطلقاً وإن کان زمان الغسل أقلّ من زمان الخروج، هذا فی غیر المسجدین وأمّا فیهما فإن لم یکن زمان الغسل أطول من زمان التیمّم وکذا من زمان الخروج وجب الغسل فی المسجد ما لم یستلزم محرّماً وإلّا وجب الغسل خارجه.
فصل الرجوع عن الاعتکاف
الاعتکاف فی نفسه مندوب، ویجب بالعارض من نذر وشبهه، فإن کان واجباً معیناً فلا إشکال فی وجوبه قبل الشروع فضلاً عمّا بعده، وإن کان واجباً مطلقاً أو مندوباً لم یجب بالشروع، أی لا یجب إکماله بمجرّد الشروع فیه - وإن کان هو الأحوط استحباباً فی الواجب المطلق - نعم یجب بعد مضی یومین منه فیتعین الیوم الثالث، إلّا إذا اشترط حال النیة الرجوع لعارض، فاتّفق حصوله بعد یومین، فله الرجوع عنه حینئذٍ إن شاء، ولا عبرة بالشرط إذا لم یکن مقارناً للنیة سواء أکان قبلها أم بعد الشروع فیه.
مسئله ۱۰۷۴: لا یجوز - علی الأحوط - اشتراط الرجوع متی شاء وإن لم یکن عارض، نعم یکفی فی العارض العذر العرفی.
مسئله ۱۰۷۵: إذا شرط الرجوع حال النیة ثُمَّ بعد ذلک أسقط شرطه لم یسقط حکمه، فیجوز له الرجوع إذا اتّفق حصول العارض.
مسئله ۱۰۷۶: إذا نذر الاعتکاف، وشرط فی نذره الرجوع - بأن کان منذوره هو الاعتکاف مشروطاً - جاز له الرجوع وإن لم یشترطه حین الشروع فی اعتکافه إذا أتی به وفاءً لنذره، لأنّه یکون من الاعتکاف المشروط به إجمالاً.
مسئله ۱۰۷۷: إذا جلس فی المسجد علی فراش مغصوب لم یقدح ذلک فی الاعتکاف، وهکذا إن سبق شخص إلی مکان من المسجد فأزاله المعتکف من مکانه وجلس فیه فإنّه لا یضرّ بصحّة اعتکافه.
فصل أحکام المعتکف
مسئله ۱۰۷۸: لا بُدَّ للمعتکف من ترک أُمور :
منها: الجماع، والأحوط وجوباً إلحاق اللمس والتقبیل بشهوة به، فضلاً عمّا یصدق علیه المباشرة بما دون الفرج کالتفخیذ ونحوه، ولا فرق فی ذلک بین الرجل والمرأة.
ومنها: الاستمناء علی الأحوط لزوماً، وإن کان علی الوجه الحلال کالنظر إلی الزوجة.
ومنها: شمّ الطیب مطلقاً ولو للشراء، وشمّ الریحان مع التلذّذ ولا مانع منه إذا کان بدونه، والریحان هو کلّ نبت طیب الرائحة.
ومنها: البیع والشراء بل مطلق التجارة علی الأحوط وجوباً، ولا بأس بالاشتغال بالأُمور الدنیویة من المباحات - حتّی الخیاطة والنساجة ونحوهما - وإن کان الأحوط استحباباً الاجتناب، وإذا اضطرّ إلی البیع والشراء لأجل الأکل أو الشرب ممّا تمسّ حاجة المعتکف إلیه ولم یمکن التوکیل أو ما بحکمه ولا النقل بغیرهما جاز له ذلک.
ومنها: المماراة فی أمر دینی أو دنیوی بداعی إثبات الغلبة وإظهار الفضیلة، لا بداعی إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ، والمدار علی القصد.
مسئله ۱۰۷۹: لا یجب علی المعتکف الاجتناب عمّا یحرم علی المُحْرم ارتکابه، ولا سیما لُبْس المخیط وإزالة الشعر وأکل الصید وعقد النکاح فإنّ جمیعها جائز له.
مسئله ۱۰۸۰: المحرّمات المذکورة مفسدة للاعتکاف من دون فرق بین وقوعها فی اللیل والنهار، وفی حرمتها تکلیفاً - إذا لم یکن الاعتکاف واجباً معیناً ولو لأجل انقضاء یومین منه - إشکال وإن کان أحوط وجوباً.
مسألة ۱۰۸۱: إذا صدر منه أحد المحرّمات المذکورة سهواً لم یبطل اعتکافه حتّی فی الجماع.
مسئله ۱۰۸۲: إذا أفسد اعتکافه بأحد المفسدات، فإن کان واجباً معیناً لزم قضاؤه علی الأحوط وجوباً، وإن کان غیر معین وجب استئنافه، وکذا یجب القضاء علی الأحوط لزوماً إذا کان مندوباً ووقع الإفساد بعد یومین، أمّا إذا کان قبلهما فلا شیء علیه، ولا یجب الفور فی القضاء ولکن لا یجوز تأخیره بحدٍّ یعدّ تهاوناً وتوانیاً فی أداء الواجب.
مسئله ۱۰۸۳: إذا باع أو اشتری فی أیام الاعتکاف لم یبطل بیعه أو شراؤه وإن بطل اعتکافه.
مسئله ۱۰۸۴: إذا أفسد الاعتکاف الواجب بالجماع ولو لیلاً وجبت الکفّارة، ویلحق به علی الأحوط لزوماً الجماع المسبوق بالخروج المحرّم وإن بطل اعتکافه به بشرط عدم رفع یده عنه، ولا تجب الکفّارة بالإفساد بغیر الجماع وإن کان أحوط استحباباً، وکفّارته ککفّارة صوم شهر رمضان مخیرة وإن کان الأحوط استحباباً مراعاة الترتیب فیها ککفّارة الظهار .
وإذا کان الاعتکاف فی شهر رمضان وأفسده بالجماع نهاراً وجبت کفّارتان، إحداهما لإفطار شهر رمضان والأُخری لإفساد الاعتکاف، وکذا إذا کان فی قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وإن کان الاعتکاف المذکور منذوراً معیناً أو ما بحکمه وجبت کفّارة ثالثة لمخالفة النذر، وإذا کان الجماع لامرأته الصائمة فی شهر رمضان وقد أکرهها وجبت کفّارة رابعة عنها علی الأحوط لزوماً.
والحمد لله ربّ العالمین
- ادامه مطلب...
- 0 دیدگاه
- 363 بازدید